الأخبار العاجلة

روبرت بلاي الشاعر الأميركي الذي انتقد حروب بلاده

الغربية – دحام الحلبوسي – 6 – ديسمبر – 2021

توفي روبرت بلاي، شاعر ولاية مينيسوتا، المؤلف والمترجم الذي منح العزلة والمشاهد الطبيعية لغة، حشد الاحتجاجات ضد حرب فيتنام وبدأ حركة رجالية مثيرة للجدل بكتاب شديد الرواج دعا إلى استعادة القوة الذكورية الأولى. توفي بلاي في بيته بمينيابوليس وهو في الرابعة والتسعين.
قد يظن المرء بتأمل حجم أعماله – أكثر من 50 مجموعة شعرية وترجمات لكتاب أوروبيين وأميركيين لاتينيين، وتعليقات نثرية على الأدب، والأدوار الجنوسية والأمراض الاجتماعية، بالإضافة إلى مجلات الشعر التي حررها على مدى عقود – أنه إزاء رجل منعزل في كوخ بأحراش شمالية. كان بلاي لسنوات عديدة في بلدة صغيرة في مينيسوتا يغمر نفسه في شعر الحقول الصامتة ومساحات الأحراش المغطاة بالثلوج.
لكنه في ستينات القرن العشرين خرج يزأر في الوعي القومي بشعر حر مناهض للحرب ومهاجم للرئيس ليندون ب. جونسون ووزير الدفاع روبرت ماكنمارا والجنرال وليم س. ويستمورلاند، القائد في فيتنام. ولم ينثنِ قلمه عن مهاجمة آلة الحرب الأميركية:
تقلع المحركات الهائلة على نحو جميل من منصة الإقلاع،
تبدو الأجنحة فوق الأشجار، أجنحة بثمانمائة برشام، محركات تحرق آلاف الجالونات من البنزين في الدقيقة وهي تمر فوق أكواخ بأرضيات متسخة.
في عام 1966، شارك بلاي في تأسيس جمعية «كتاب أميركيون ضد حرب فيتنام» وتجول في البلاد يحرض على المعارضة بقراءات شعرية في حرم الجامعات وفي القاعات البلدية بالمدن. نال جائزة الكتاب الوطني للشعر لمجموعته «الضوء المحيط بالجسد» (1967)، وتبرع بجائزته البالغة 1000 دولار لمقاومة التجنيد.
في خطوة مفاجئة أخرى عام 1990، نشر بلاي ما أصبح أشهر أعماله، «جون الحديدي: كتاب عن الرجال»، الذي استقى مادته من الأساطير والحكايات المتوارثة والشعر والعلم وعلى نحو يدفع بقضية أن الرجال الأميركيين صاروا رخوين وأنثويين وبحاجة من ثم إلى أن يعيدوا اكتشاف فضائلهم البدائية من الصرامة والقوة، وبذا يستعيدون ثقتهم بأنفسهم، الثقة التي تغذي الآباء والرعاة.
لمس الكتاب وتراً حساساً فصار على قائمة «نيويورك تايمز» لأفضل الكتب مبيعاً لـ62 أسبوعاً منها 10 أسابيع وهو رقم 1، كما ترجم إلى عدة لغات.
ظهر بلاي في كثير من الصحف والمجلات وخصص له لقاء خاص مدته 90 على قناة «بي بي إس» PBS (العامة) مع بل مويرز (Moyers) الذي أطلق عليه صفة «الشاعر الأكثر تأثيراً في عصرنا». صار ظاهرة ثقافية، شخصية أبوية للملايين. وعقد ندوات بحثية ومعتزلات في نهاية الأسبوع للرجال فقط، حيث كان يجتمع غالباً مع الرجال حول نيران المخيمات في الأحراش ينقرون على الطبول، ويلبسون الأقنعة، يتعانقون، ويرقصون، ويقرأون الشعر بصوت عالٍ.
قال إن «حركة الرجال الأسطوشعرية (mythopoetic)» التي قادها لم يقصد بها تحريض الرجال على النساء. لكن كثيراً من النساء وصفوها بالمحبطة، وبأنها ارتداد لعادة الأسلاف في مقابل الحركة النسوية. سخر منها رسامو الكاريكاتير وضيوف برامج الحوار، واصفينها بمجرد عناق للأشجار تلهو به الطبقة الوسطى من مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية. وكان من السهل السخرية من بلاي، «الغورو» بشعره الأبيض ومشيته المتثاقلة، بعزفه على البزق وارتدائه سترات ملونة، فوصفوه بأنه هو جون الحديدي، الرجل ذو الشعر الطويل الذي يظهر في الأساطير الألمانية معيناً للأمراء الضائعين في مهامهم.
لم يخفف ذلك من حماسة بلاي واستمر في إقامة وُرَشهِ لعدة سنوات بتركيز أكثر تواضعاً. تخلى عن الطبول، لكنه واصل استعمال الأساطير والشعر ودعا النساء والرجال لمناقشة جملة من القضايا منها الأبوة والعنصرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial