الأخبار العاجلة

الأثر العربي في اللغة البرتغالية لدولة البرازيل

الأثر العربي في اللغة البرتغالية لدولة البرازيل / بقلم وسيم حميد صنكور – 13 / ديسمبر / 2022

ارتبط تأثير اللغة العربية في اللغات السائدة في شبه الجزيرة الايبيرية, التي تضم اسبانيا و البرتغال, مع الوجود العربي في تلك المنطقة الذي ابتدأ في القرن الثامن الميلادي, وترك ذلك الوجود ، الذي استمر لما يقرب الثمانية قرون, تأثيرات كبيرة على تلك اللغات و من ضمنها اللغة البرتغالية.
ففي عام 711 وصل العرب الى شبه الجزيرة الأيبيرية, التي انقسمت وضعفت بسبب النزاعات السياسية والاجتماعية والدينية الداخلية, ولم يستغرق العرب وقتًا طويلاً ليبسطوا نفوذهم في تلك المنطقة و نقل لغتهم و ثقافتهم و عاداتهم التي اثرت بشكل كبير في سكان تلك المنطقة, حتى ان الكثير من السكان الاصليين في حينها تبنوا اسلوب الحياة العربي, على الرغم من أنهم في الغالب لم يتبنوا الدين الإسلامي, و اضافوا عناصر و كلمات من اللغة العربية الى لغتهم الام, و سرعان ما استقرت تلك الكلمات في لغتهم الام و اصبحت جزءا منها. في مقابل ذلك, لم تكن فترة الثمانية قرون التي سيطر فيها العرب على شبه الجزيرة الأيبيرية فترة ركود فكري, بل كانت تشهد فترة من التقدم في علوم وفنون الصناعة و الزراعة والأدب والطب والفلسفة, و نتج عن كل ذلك الاحتكاك و التواصل الثقافي و العلمي بل وحتى التجاري و الصناعي بين العرب و سكان الجزيرة الايبيرية ان استقرت العديد من المفردات العربية في لغات شبه الجزيرة الايبيرية.
على الرغم من ان الوجود العربي انتهى عام 1492 ، إلا أن الاراضي التي تشكل البرتغال اليوم قد اعلنت استقلالها فعليا قبل ذلك بعدة عقود. وخلال تشكيل الدولة البرتغالية, احتفظت بالتأثيرات العربية في العديد من النواحي الثقافية و العلمية, اما من الناحية اللغوية فقد كانت اللغة البرتغالية في طور النمو و التطور وبالتالي بقيت العديد من عناصر اللغة العربية في مفردات تلك اللغة التي كانت سائدة في البرتغال في حينها, حتى ان بعض الباحثين يقدر أن حوالي ربع مفردات اللغة البرتغالية في ذلك الوقت كانت من أصل عربي, الا ان جزء كبير من هذه الكلمات تم استبدالها بكلمات من اللاتينية او اليونانية مع حلول عصر النهضة في اوروبا و لم يبق الا عدد اقل من تلك الكلمات التي حافظت على وجودها الى يومنا هذا, و من بين تلك الكلمات التي بقيت في المفردات البرتغالية ليومنا هذا نذكر على سبيل المثال لا الحصر:

ان اللغة البرتغالية شملت دولا خارج نطاق شبه الجزيرة الايبيرية وذلك بسبب التوسع البرتغالي في الخارج و من بين تلك الدول كانت البرازيل التي امتازت بدخول بعض المفردات العربية الى لغتها البرتغالية خارج نطاق البرتغالية الام ويعزا ذلك الى اسباب عدة لعل من اهمها الهجرة اللبنانية المتأخرة الى البرازيل, فمنذ العقد الثاني من القرن التاسع عشر بدأ الكثير من اللبنانيين في الوصول إلى البرازيل و اتخذ معظمهم من التجارة حرفة لهم مما جعلتهم في تواصل و احتكاك مستمر مع الناطقين باللغة البرتغالية. هذا بالاضافة الى نقلهم عاداتهم و ثقافتهم الى المجتمع البرازيلي و الذي عرف بتنوعه المجتمعي, فنراهم, على سبيل المثال, قد نقلوا المطبخ اللبناني بتنوعه الى المجتمع البرازيلي, و بذلك دخلت العديد من الكلمات العربية الى اللغة البرتغالية في البرازيل لعدم وجود ما يقابلها في اللغة البرتغالية, لذلك فإن الأطباق النموذجية تنتهي عادة بالاحتفاظ بأسمائها الأصلية, وتتكيف فقط, عند الضرورة, مع الكتابة البرتغالية.
وكما ذكرنا سابقًا فبسبب الاستقرار في المدن و الانخراط في التجارة تمكن اللبنانيون من التواصل كثيرًا مع البرازيليين, وبهذه الطريقة تأثروا بالثقافة المحلية وأثروا على اللغة البرتغالية. و على الرغم من قلة الدراسات حول تأثير الهجرة اللبنانية على البرتغالية البرازيلية, فأن واقع الحال المعاش يشير بالفعل إلى استحداث كلمات من اصل عربي دخلت الى اللغة البرتغالية من خلال هؤلاء المهاجرين.

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial