المدير التنفيذى لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا يؤكد أن مصر كنانة الله في أرضه
بقلم \ الكاتب و المفكر العربى الدكتورخالد محمود عبد اللطيف
رئيس تحرير جريدة الأمة العربية ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
مما لا شك فيه أن واجب كل مخلص غيور على وطنه وعلى أمته أن يحافظ على أمان مصر واستقرارها، لأن مصر كنانة الله فى أرضه من أرادها بسوء قصمه الله، ولأن مصر هى التى اختصها الله تعالى بذكرها فى القرآن الكريم عدة مرات، ومن بينها ما وضح أن داخليها يكونون آمنين وذلك فى قول الله تعالي: “ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين”. ولم يذكر القرآن الكريم موطنا وضح أن من دخله كان آمنا إلا بيت الله الحرام الذى قال فى شأنه:”. ومن دخله كان آمنا” وفى شأن مصر حيث قال الله تعالي: “ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين” وما ذلك إلا لأهمية مصر ومنزلتها فى الإسلام، ولما تقوم به من جهود منذ دخلها الإسلام، دفاعا عن أمنها وعن عقيدتها ولأن أمان مصر هو أمان للأمة جمعاء.
فمن حاول العدوان على مصر ومن حمل السلاح على الأمة بريء منه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (من حمل علينا السلاح فليس منا) رواه أحمد والبخارى ومسلم. بل إن القرآن الكريم يحكم على القاتل المستحل الذى يبرر له شيطانه العدوان على الغير ويحكم عليه بجهنم خالدا فيها، حيث قال الله تعالي: “ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما” سورة النساء (39). ويؤكد الرسول صلى الله عليه وسلم أن قتال المسلم خروج عن الدين وكفر بالله، وذلك لحرمة النفس، فقال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) رواه مسلم.
إن فوضى العنف والإجرام حين تزداد حدتها على هذا النحو المزرى بالقيم، والذى يعمل على إهدار حقوق الإنسان فى صورة لا إنسانية يستوجب هذا التصرف على المجتمع بكل فئاته ان يقف صفا واحدا فى مواجهة الإرهاب، ويستوجب على كل مسلم قادر على ايقاف حمامات الدم أن يتصدى لإيقافها، وأن يتعاون الجميع لإعادة السلام والأمان والاستقرار، لأن اهدار حقوق الإنسان فى موقع من استضافة يغرى باهدارها فى مواقع أخرى وانتهاك حرمة النفس الإنسانية لفرد كانتهاك حرمتها للمجموع. ولذا قال الله تعالي:”. من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا” سورة المائدة (23).
وأكد الإسلام حرمة النفس والمال والعرض، وذلك كما جاء فى خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع حين قال: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا فى بلدكم هذا فى شهركم هذا) رواه البخارى ومسلم. وأكد الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الحرمات فى قوله: “كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه” رواه البخارى ومسلم.
وما شرعت الحدود والعقوبات فى الإسلام إلا صيانة لهذه الحقوق، وحماية لحق النفس من العدوان، فشرع القصاص حماية لحق النفس، وشرع حد السرقة حماية لحق الأموال. وهكذا أكد الإسلام حرمات النفس، وحذر من العدوان عليها وشرع العقوبات ردعا لمن تسول له نفسه أن يغشى شيئا منها. ولقد كان النهى عن قتل النفس التى حرم الله واضحا وحاسما حيث قال الله تعالي: “ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق” سورة الأنعام آية (151).
هذا وإن مواجهة البغاة أمر أوجبه الإسلام لأنه دعا أولا إلى الإصلاح بين المتخاصمين والمتقاتلين فان حدث بغى من طائفة شرع الإسلام الوقوف فى مواجهة البغاة ومؤاخذتهم وقتالهم حتى يفيئوا إلى أمر الله، ويثوبوا إلى رشدهم ويرجعوا إلى صوابهم قال الله جل شأنه: “وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما” سورة الحجرات (9) والواجب حيال سلسلة ظواهر الإرهاب التى تظهر بين وقت وآخر فى سائر الأوطان هو ما يأتي:
أولا: مناهضة المفسدين والإرهابيين، وأن يقف الجميع صفا واحدا، وألا يتستر أحد على أحد الظالمين فان من أعان ظالما تسلط عليه “واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة” سورة الأنفال (52)
وإذا كانت هناك مسئولية شخصية لكل إنسان فان علينا مسئولية جماعية يجب أن ينهض بها المجتمع الإسلامى متضامنا ومتعاونا على البر والتقوي، لأن السلبية واللامبالاة حيال ظواهر الإرهاب لا تولد إلا تفاقم الشر، ولقد ضرب لنا رسولنا صلوات الله وسلامه عليه المثل على ذلك:
عن النعمان بن بشير رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (مثل القائم فى حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم اعلاها وبعضهم اسفلها فكان الذين فى أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا فى نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على ايديهم نجوا ونجوا جميعا) رواه البخاري.
ثانيا: على جميع المواطنين وابناء المجتمع أن يحققوا الإيمان الصحيح الصادق وأن يستقيموا بعمل الصالحات والتوبة إلى الله والرجوع إليه فانه لا ينزل بلاء بالأمة إلا بذنب ولا يكشف إلا بتوبة.
وثالثا: أن تأخذ العدالة مجراها فى كل موقع وفى كل زمان ومكان، فباجتماع الإيمان والعدل يكون الأمان قال الله تعالي: “الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون” سورة الأنعام (28).
رابعا: واجب كل إنسان أن يقوم بالدفاع عن وطنه وبالأمر المعروف والنهى عن المنكر وألا يكون الإنسان سلبيا أو يقول: “عليّ نفسي” فهذا خطأ كبير. وبناء على هذا فإن واجب الجميع من ابناء الوطن أن يكونوا يدا واحدة مع جميع قوات الأمن، حتى يكون كل مواطن وفيا لوطنه صادق الحب له لأن حب الوطن من الإيمان.