حكومة إيران (تتستر) على أعداد قتلى الاحتجاجات… وروحاني ينفي علمه بـ(تنفيذ) زيادة البنزين
الغربية – علاء الكبيسي – 28 – 11 – 2019
اتهمت منظمة (هيومن رايتس ووتش) السلطات الإيرانية، أمس (الأربعاء)، (بالتستر المتعمد) على أعداد القتلى والمعتقلين خلال قمع المظاهرات، التي اندلعت في مختلف أنحاء البلاد، بعد قرار رفع أسعار البنزين.
الولايات المتحدة الاميركية تدين وروحاني ينفى علمه بموعد تنفيذ القرار، فيما وصف المرشد الإيراني علي خامنئي الاحتجاجات بـ«مؤامرة عميقة وواسعة وخطيرة جداً»، وذلك غداة إعلان وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي أن نحو 731 مصرفاً و140 مقراً حكومياً أُضرمت فيها النار، وأفادت وسائل إعلام إيرانية، أمس، نقلاً عن متحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بأن حملة الاعتقالات بلغت 7 آلاف شخص.
ونقل موقع خامنئي قوله، خلال لقاء حشد من ميليشيا «الباسيج»، التي شاركت في قمع الاحتجاجات، أن «الشعب الإيراني أحبط مؤامرة عميقة وواسعة وخطيرة جداً وظف الأعداء أموالاً طائلة لها»، وأشاد في الوقت نفسه بدور «(قوات الحرس الثوري) وذراعه (الباسيج) وقوات الشرطة».
وبدأت الاضطرابات يوم 15 نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد الإعلان عن رفع أسعار البنزين، لكن سرعان ما أصبحت ذات طابع سياسي، حيث دعا محتجون كبار قادة البلاد للتنحي. وكانت هذه أسوأ اضطرابات مناهضة للحكومة، منذ أخمدت السلطات مظاهرات اندلعت احتجاجاً على التلاعب بالانتخابات في 2009، وهي الاحتجاجات الثانية للإيرانيين لأسباب اقتصادية، في غضون عامين، بعد الاحتجاجات شهدتها أكثر من مائة مدينة إيرانية نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2017.
ونسب المسؤولون الإيرانيون العنف خلال المظاهرات إلى تدخل «مثيري شغب» يدعمهم أنصار عودة نظام الشاه، وجماعة «مجاهدي خلق»، وأحزاب انفصالية عربية وكردية في محافظات حدودية.
ونُشرت أنباء عن حالات وفاة واعتقالات مع نشر قوات الأمن لكبح جماح المظاهرات التي تحولت إلى أعمال عنف في بعض المناطق، حيث أُحرقت عشرات المصارف ومحطات الوقود ومراكز الشرطة. ومع ذلك، لم يتضح حجم الحملة، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى انقطاع شبكة الإنترنت، حيث حُجبت خلال الاضطرابات، في خطوة يُعد الهدف منها الحد من انتشار أشرطة فيديو لأعمال العنف.
تضارب إحصائيات القتلى
وقالت «هيومن رايتس ووتش» إن السلطات «تعمدت التستر على حجم القمع الجماعي ضد المتظاهرين»، ودعتها إلى «الإعلان فوراً عن عدد الوفيات والتوقيفات وحالات الاحتجاز (…)، والسماح بإجراء تحقيق مستقل فيما تردد عن حدوث تجاوزات».
وانتقد نائب مدير المنظمة في الشرق الأوسط مايكل بيج إيران لأنها «رفضت تقديم العدد الدقيق للقتلى، وبدلاً من ذلك هددت المعتقلين بالموت».
وتعود آخر إحصائية أعلنت عنها مصادر رسمية إيرانية إلى الاثنين، 18 نوفمبر، حيث قالت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» إن قوات الأمن اعتقلت ألف شخص، من بين 87 ألف و400 شخص، نزلوا في 100 منطقة شهدت احتجاجات بأنحاء البلاد. وكان حاكم طهران أعلن حينها اندلاع احتجاجات في 70 محافظة إيرانية.
وأفادت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن خامنئي بأن «الشعب الإيراني أحبط مؤامرة عميقة وواسعة وخطيرة جداً وظف الأعداء أموالاً طائلة لها، وبذلوا جهوداً كبيرة ليقوموا بمثل هذه الممارسات، أي التخريب والأعمال الشريرة والقتل». وأعرب عن «تقديره العميق وشكره» للأمة الإيرانية، في تغريدة أرفقها موقعه الرسمي بصور لتجمع كبير مؤيد للحكومة نُظّم في طهران، الاثنين. وقال: «أوجه شكري وتقديري العميق للشعب الإيراني العظيم للتحرك الرائع جداً الذي قام خلال الأيام الأخيرة، إذ أثبت في الواقع مرة أخرى أنه شعب قوي وعظيم». وحملت التغريدة، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»… «الاستكبار العالمي والصهيونية» مسؤولية أعمال العنف، في إشارة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل.
وتتخوف المراكز المعنية بحقوق الإنسان من زيادة عدد المعتقلين، وتدهور أوضاع السجون، في ظل حملة الاعتقالات التي تشارك فيها ثلاثة أجهزة، هي وزارة الاستخبارات (اطلاعات) والجهاز الموازي لها جهاز استخبارات «الحرس الثوري» والشرطة الإيرانية.
وقالت «هيومن رايتس ووتش» في بيان إن جماعات حقوق الإنسان، بما في ذلك «منظمة العفو الدولية»، قدرت عدد القتلى بما لا يقل عن 140 شخصاً، وعدد المعتقلين بنحو سبعة آلاف شخص خلال الاحتجاجات.
وقال بيج إن «إبقاء العائلات بلا أنباء حول مصير أحبائها، مع إشاعة جو الخوف والعقاب استراتيجية حكومية متعمدة لخنق المعارضة».
وبحسب إحصائية «العفو الدولية»، فمن بين 143 شخصاً، قُتل 40 شخصاً في الأحواز، فيما بلغ عدد القتلى بمحافظة كرمانشاه الكردية 34 شخصاً، وفي طهران قتل 20 شخصاً فيما سقط 15 شخصاً في محافظة فارس وفي أصفهان قُتل 7 أشخاص فيما في محافظة البرز (ضاحية غرب طهران) قُتل 9 أشخاص، وقتل 4 آخرون في آذربايجان الغربية، وفي كل من محافظة آذربإيجان الشرقية وكرمان سقط محتج واحد على الأقل.
في سياق مواز، كشف المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية الإيرانية حسين نقوي حسيني، أول من أمس، عن اعتقال نحو 7 آلاف معتقل خلال الاحتجاجات، ونقل عن مسؤولين أمنيين بعد اجتماع جرى في البرلمان، مساء الاثنين، أن «النواب منعوا من نقل أجهزة الجوال للاجتماع».
وكان «مركز حقوق الإنسان الإيراني»، ومقره نيويورك، قال، على موقعه الإلكتروني، الأحد، إن بيانات تستند إلى أرقام رسمية وتقارير يُعتد بها تشير إلى أن «ما لا يقل عن 2755 شخصاً اعتُقِلوا، وأن العدد الفعلي من المرجح أن يكون قريباً من أربعة آلاف».
وكانت صحيفة «اعتماد» الإيرانية قد أفادت، في عددها الصادر الثلاثاء، بأنه «تم منع نواب البرلمان من نقل أجهزة موبايل» داخل الاجتماع.
وأعلن الجهاز القضائي، أول من أمس، أنه «سيتخذ إجراءات سريعة» لدراسة الاتهامات الموجهة للمعتقلين، من دون الكشف عن عددهم.
وأفاد موقع «نتبلوكس» الذي يراقب اضطرابات الإنترنت، بأن الاتصال بالإنترنت عاد إلى معظم أنحاء البلاد في الأيام الأخيرة، باستثناء شبكات الهاتف الجوال.