رحلة إبنة طرابلس ندى مولوي إلى الأردن: سفيرة للإنسانية وللعلاقات الإسلامية المسيحية.. وزيارة تاريخية للبطريرك الراعي
لبنان / أحمد الأيوبي
ندى مولوي إبنة طرابلس العائدة من الولايات المتحدة الأميركية منذ خمس سنوات بعد رحلة عمل إنسانية مع منظمات وهيئاتٍ إغاثية وصحية ، تواصل نشاطها الحقوقي والإنساني وتتقدّم نحو مبادرة مميزة في إطار مدّ الجسور في العلاقات الإسلامية المسيحية في العالم العربي.
وفي خطوةٍ نادرة ومميزة ، كانت ندى مولوي بمثابة مبعوث خاص من الدولة الأردنية إلى البطريرك الماروني ماربشارة بطرس الراعي لتنقل إليه دعوة أولية لزيارة الأردن والإطلاع على إنجاز مشروع ترميم إحدى أقدم الكنائس في الشرق ، ولقاء المسيحيين في هذا البلد الذي يحتضن الكثير من الآثار و استضافة التاريخية المسيحية الهامة.
فما هي قصة الزيارة المرتقبة للبطريرك الراعي للأردن ، وما هي أهميتها وأبعادُها؟
• للقصة بداية…
بتاريخ 14 و15 آذار الماضي توجهت السيدة ندى مولوي إلى الأردن للمشاركة في “المؤتمر الدولي الثالث – اللاجئون في الشرق الأوسط – المجتمع الدولي ، الفرص والتحديات” ، حيث شاركت في أعمال المؤتمر ولجانه وقامت بزيارة مخيم الزعتري للاجئين السوريين ، حيث إطلعت على الأوضاع الإنسانية الناجمة عن عمليات التهجير التي يتعرّض لها الشعب السوري..
يقع مخيم الزعتري في نطاق بلدية أم الجمال ، الضاربة في عمق التاريخ عراقةً ورسوخاً في معادلات الماضي والمستمرة أصالةً ونخوةً وإنفتاحاً.
وهناك إلتقت السيدة مولوي المهندس نائل طحـمر من مديريرة آثار محافظة المفرق ورئيس بلدية أم الجمال حسن الرحيبة الذي عرّفها بتاريخ البلدة وحاضرها ، مقدّماً نبذةً تاريخية عنها وهي المدينة الأثرية الواقعة على مقربة من الحدود السورية الأردنية وتتميز بأروع البوابات الحجرية وهي تعرف باسم “الواحة السوداء” وذلك لما بها من أعداد كبيرة من الأحجار البركانية السوداء.
وأوضح الرحيبة أن أم الجمال كانت ملتقى الطرق التي ربطت فلسطين والأردن بسورية والعراق وتقع على طول طريق تراجان وتشكل محطة في منتصف هذا الطريق الذي يصل بين عمان والبصرة أو دمشق والبصرة ومن الأزرق عبر وادي السرحان إلى الجزيرة العربية أن تاريخها يرجع إلى العصر النبطي الروماني البيزنطي ، ويعتقد أن الأمويين سكنوا هذه المدينة لفترة طويلة ويبدو أن هذه المدينة تعرضت لزلزال قبل أن ينتقل مركز الخلافة من دمشق إلى بغداد إبان الخلافة العباسية ما أدى إلى هجرها تدريجيا.
ويوجد في أم الجمال بقايا حصون حضنت في داخلها كنائس عديدة بين كبيرة وصغيرة واحواض ماء مسقوفة أو مكشوفة، فضلا عن بقايا موقع عسكري روماني كما يوجد في أم الجمال آثار للكنائس البيزنطية ، ومنها كاتدرائية يعود بناؤها للعام 557 ميلادية وقد تم ترميمها ، ووجد في أم الجمال أيضا فسيفساء قديمة تمثل نهر الأردن وعلى جانبيه المدن والقرى التي ورد ذكرها في الكتاب المقدس.
وبهدف تنشيط السياحة ، تعمل دائرة الآثار العامة حالياً على إنشاء متحف يحتضن آثار وكنوز منطقة أم الجمال في محافظة المفرق التي تضم العديد من استضافة الآثرية.
• إنطلاق المبادرة..
وبعد إطلاع السيدة مولوي على تأهيل الكاتدرائية ، حصل نقاش حول أهمية هذا الموقع والسبيل الأفضل لجعله محطة تواصل بين الماضي والحاضر ، فكانت فكرة زيارة البطريرك الراعي وهنا باشرت دورها المكوكي بين بيروت وعمّان ، فحملت فكرة الزيارة إلى غبطة البطريرك الراعي الذي رحب بالفكرة وأعطى الموافقة فجاءت الدعوة الرسمية من الديوان الملكي وتمّ تقرير الزيارة ، وبدأت التحضيرات العملية لحدثٍ بدأ برحلةٍ إنسانية وسيكمل كحدثٍ إنساني حضاري مدوٍ.
إلتقت السيدة مولوي غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وعقدت معه جلسة عمل مغلقة في مكتبه ، تمحور الحديث خلالها حول تفعيل مبادرات تطوير العلاقات الإسلامية المسيحية في لبنان والعالم العربي ، وكيفية تمتين الصلات بين المسلمين والمسيحيين وإشاعة التعاون فيما بينهم على الصعد الإجتماعية والإنسانية والتنموية والثقافية.
وأكدت مولوي خلال اللقاء أهمية موقع لبنان في معادلة تلاقي الحضارات وتعاون أتباع الأديان ، خاصة أنه يتشارك مع محيطه بتاريخٍ وحاضرٍ يؤهله لكي يكون مركزاً للحوار والتعاون الحضاري.
وأعلنت مولوي أنها وضعت غبطة البطريرك الراعي في أجواء زياراتها إلى الأردن وإلى الفعاليات الرسمية والدينية المسيحية والإسلامية ، ناقلة كامل الترحيب بزيارته إلى عمّان للإحتفال بإنتهاء أعمال الترميم في كاتدرائية أم الجمال ، ناقلةً عن غبطته إنفتاحه التام ومحبته للأردن ملكاً وحكومةً وشعباً ، وقبوله تلبية الدعوة.
• أهداف وتطلعات حضارية وإنسانية
أرادت السيدة ندى مولوي من خلال هذا التحرك أن تـُسهم في مبادرةٍ تحمل أبعاداً متكاملة ، فهي ذات بُعدٍ حضاري كونها تأتي لتتصل بين عالم التراث العريق وبين واقع المنطقة المترابط والمشترك ، خاصة بين لبنان والأردن ، والإسهام في تغليب لغة التواصل والتعاون ، في ظل الرياح التي تجتاح عالم العرب وتشوّه صورتهم وتدمر حواضرهم..
في الجانب الأردني ، كشف رئيس بلدية أم الجمال الجديدة حسن الرحيبة أن غبطة بطريرك انطاكية وسائر المشرق للموارنة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي سيرأس قداس في كاتدرائية ام الجمال في المدينة الاثرية في شهر حزيران القادم.
واضاف الرحيبة أن غبطة البطريرك سيرافقه وفد كبير وإعلامي من أجل زيارة منطقة ام الجمال السياحية في جولة هي الأولى من نوعها ، وهذا من شانه أن يعطي المزيد من الاهمية للموقع الاثري والذي سيدرج ضمن مواقع التراث اسياحي العالمي في اليونسكو.
واشار الرحيبة الى ان البلدية وضعت كافة الاستعدادات والترتيبات اللازمة للقيام بهذه المهمة وبما يليق بهذه الزيارة الهامة والتي ستحقق الكثير من الإيجابيات في مجال السياحة الدينية وترويج المنطقة سياحيا واثريا ، منوها ان البلدية بدأت استعداداتها بالتنسيق مع الجهات المعنية منها وزارات السياحة والآثار والأشغال العامة والاسكان والشؤون البلدية للتجهيز للإحتفال