الرئيس السادات… الداهية أم المغامر؟
الغربية – القاهرة – مصطفى العبيدي – 22 – 5 – 2019
إن دهاء السادات بات هو الحاكم لتصرفاته من 1970 إلى 1973، فقد تمرَّس في السلطة، وفي السياسة عموماً. أولى العواصف التي واجهته عقب توليه الحك خلفا لعبدالناصر، أطلقها كبار رجال الدولة الذين رأوا أن المنصب أكبر من هذا الرجل، فتركهم حتى تقدموا باستقالاتهم لإسقاطه من على كرسي الرئاسة، فقبل تلك الاستقالات، على عكس توقعاتهم بأن يفرضوا عليه شروطهم أو ينحوه جانباً. طرح مبادرة لفتح قناة السويس وحشد قواته على خط القناة أكثر من مرة، فباتت صدقيته أمام العدو مهتزة وأنه لا يستطيع أن يتخذ قرار الحرب، حتى نقلت هذه القناعة للشارع فاشتعلت التظاهرات المطالبة بشن الحرب بعد أن أعلن أنه أرجأها «بسبب الضباب»! هنا هو كان يغامر بشخصه وشعبيته، حتى صارت الوثائق والتقارير الغربية والإسرائيلية تشكك في قدرته على الحرب، مؤكدة ذلك عبر سعيه للمفاوضات مع إسرائيل للانسحاب إلى خط المضايق في سيناء. ورغم تسريب أخبار إلى إسرائيل عن أن السادات سيشن الحرب يوم 6 تشرين الأول (أكتوبر) 1973، إلا أنها لم تتتعامل معها بجدية كافية، وظنت أنها مجرد مناورة أخرى تنتهي إلى لا شيء.
الجدير بالذكر فأن أدراك السادات في منتصف الحرب أنه لم يعد يواجه إسرائيل وحدها، فأصبح عليه القبول بما حققه، لذا دخل في مفاوضات لتعظيم مكاسب الحرب. ثم اختار كلمات (خطاب النصر) الذي ألقاه أمام أعضاء البرلمان المصري، بعناية خصوصاً حين تحدث عن الدرع والسيف. فالدرع للدفاع والسيف للهجوم. وهو مثلاً حين يقابل صحافياً غربياً شرساً، كان يتعمد إشعال البايب ليأخذ وقتاً في التفكير في الرد على سؤال صعب، أو ليبعث في نفس الصحافي تساؤلات حول الرئيس وردوده أو يجعله يتوقع إجابة ما. استطاع السادات عبر قراءاته للأدب الغربي باللغة الإنكليزية فهم النفسية الغربية، وعبر قراءاته للموسوعة اليهودية كيفية التعامل مع اليهود. ففي نسخته من تلك الموسوعة تجده يضع خطوطاً تحت عبارات محددة، أو يخط علامات استفهام، ما يعني أنه يريد مراجعة هذا الأمر. ومن ثم فإن الذين أشاعوا عنه أنه لم يكن يقرأ، يبدو أنهم استبعدوا طبيعته المحبة للقراءة والكتابة والتأليف حتى أنه ترجم قصة من اللغة الألمانية وألَّف قصصاً؛ نُشر بعضها وبعضها لم ينشر.