الغربية – احمد الدليمي – 5 – 2 – 2022
المصادر تؤكد السيد هوشيار زيباري الأوفر حظأ لمنصب رئيس جمهورية العراق بغية توحيد الصفوف بين الكتل السياسية بطريقة “اليد الممدودة” وكذلك توحيد “البيت الكوردي” التي اتبعها الحزب الديمقراطي الكوردستاني، فإنه توجه الى بغداد بعد التشاور والتنسيق مع الاتحاد الوطني الكوردستاني بوفد موحد، من اجل اسماع المسؤولين في بغداد الصوت الكوردي الموحد، وتعزيز الحضور في الحياة السياسية في بغداد، حتى ان الزعيم الكوردي مسعود بارزاني اطلق مبادرة لمعالجة التجاذبات والخلافات التي تعصف ب”البيت الشيعي” وخاصة بين التيار
وبرغم ان مراقبين يلفتون الى انه وفق العرف السياسي المتبع طيلة الدورات السابقة، فإن الاتحاد الوطني الكوردستاني قد شغل منصب رئيس الجمهورية منذ الإطاحة بالنظام السابق العام 2003 (جلال طالباني، ثم فؤاد معصوم، ثم برهم صالح)، لكن ذلك ليس محددا بقانون ولا ببنود دستورية، بالاضافة الى ان المعادلة السياسية- كما اشرنا- تبدلت بتعاظم دور الحزب الديمقراطي الكوردستاني لا بحصته بالمقاعد البرلمانية فحسب، وانما ايضا بانخراطه الفاعل في صياغة المشهد السياسي الجديد في بغداد نفسها، من خلال التقاربات الجارية بين الحزب وكل من التيار الصدري وتحالف تقدم، ما يعني أن الحضور الكوردي في مفاصل الدولة العراقية ومناصبها، مفتوح على احتمالات ايجابية كبيرة وواعدة، وهي فرصة ربما تكون نادرة.
ليست المرة الأولى التي تحدث فيها خلافات داخل “البيت الكوردي” خلال السنوات الماضية، وهي ربما تكون من بديهيات العمل السياسي والتنافس، لكن الخلاف القائم حاليا بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني- البارتي- والاتحاد الوطني الكوردستاني- اليكتي- حول منصب رئيس الجمهورية العراقي، قبل ايام قليلة من جلسة البرلمان العراقي لانتخاب رئيس الجمهورية، قد يترك اثراً غائراً في الجسد الكوردي.
الخلاف الكوردي و”اليد الممدودة”
تتردد هذه المخاوف في العديد من الاروقة السياسية، سواء داخل اقليم كوردستان او في كواليس الغرف السياسية في بغداد، بل ان الخلاف تمظهر في الإعلام وفي التصريحات السياسية المختلفة، بينما تمر العملية السياسية، في مرحلة ما بعد انتخابات العاشر من اكتوبر/تشرين الاول 2021، بواحدة من أدق محطاتها حساسية وخطورة بالنظر إلى انقلاب اللعبة السياسية ولاعبيها وتوازناتها.
ويقول العديد من المراقبين ان ذهاب الوفود الكوردية الى بغداد، للالتقاء تحت قبة البرلمان العراقي، وهم في حالة انقسام واضح حول المرشح الأمثل لموقع رئاسة الجمهورية، يلحق ضررا لا يستهان به بقدرة الكورد على الاستفادة من اللحظة العراقية المؤاتية التي تلوح منذ انتخابات أكتوبر، ليكونوا مساهمين فاعلين في معادلة “صناع الملوك” في اللعبة السياسية العراقية الحالية، بعدما تبدلت موازين القوى وأصول اللعبة.
وبالاضافة الى ذلك، فان سياسة اليد الممدودة التي انتهجها الحزب الديمقراطي الكوردستاني، ما ان اغلقت صناديق اقتراع العاشر من أكتوبر، تجاه “الشريك” الكوردي الآخر، بالتحرك سريعا لتوحيد رؤى ومواقف “البيت الكوردي” من خلال تشكيل لجنة برئاسة هوشيار زيباري لتهدئة الأوضاع والتحاور بين الأحزاب السياسية تمهيدا لتشكيل الحكومة المقبلة، بما في ذلك عقد لقاءات مع الأحزاب الكوردية للتفاهم وتقريب وجهات النظر، والتأكيد على وحدة الصف الكوردي، قوبلت كما يقول مراقبون بسياسة مغايرة وربما معاكسة من جانب حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني.
وهناك بلبلة واضحة خلقها موقف حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي أصر، متجاهلا شريكه في “البيت الكوردي”، على الانفراد بقرار اختيار المرشح الكوردي لتولي إلى أروقة قصر السلام ببغداد، فيما يبدو تجاهلا للوقائع السياسية الجديدة التي أفرزتها اللعبة الديمقراطية لا على الساحة الكوردية وحدها، وانما ايضا على عموم المشهد العراقي، حيث عزز الحزب الديمقراطي الكوردستاني من ادائه ونتائجه الانتخابية بحصوله على 31 مقعدا في البرلمان العراقي (كانت حصته 25 مقعدا في انتخابات 2018)، بينما ظل الاتحاد الوطني الكوردستاني “عالقا” عند حصته السابقة بحصوله على 17 مقعدا برغم تحالفه الانتخابات مع حركة التغيير.
ولهذا، يقول المراقبون، أنه كان من الطبيعي ان يكون للحزب الديمقراطي الكوردستاني، الكلمة الفصل في تحديد هوية “مرشح الكورد” لتولي موقع رئاسة الجمهورية، وهو ما اصطدم بالمباغتة السياسية ان صح التعبير التي قام بها الاتحاد الوطني الكوردستاني، بمسارعته الى اعلان ان مرشحه الخاص هو برهم صالح، منفردا بالقرار، ومطيحا ب”اليد الممدودة” التي كانت أمامه.
نهاية الاتحاد رئاسياً؟
والان، يفترض ان تنعقد جلسة البرلمان في السابع من شباط/فبراير، بحسب المهل الدستورية، وتطبيقا للمادة (72/ثانياً/ ب) من الدستور، لاختيار رئيس الجمهورية، وسيكون تشتت “البيت الكوردي” ماثلا أمام الجميع، في مشهد يستيعدون خلاله ما جرى قبل أربعة أعوام، عندما أصر الاتحاد الوطني الكوردستاني ايضا على الزج ببرهم صالح لموقع رئاسة الجمهورية، متجاهلا في تلك المرة أيضا، مبادئ التفاهم المفترض انها قائمة مع الشركاء الكورد الذين كانوا رشحوا فؤاد حسين لتولي المنصب.