المدير التنفيذى للأكاديمية الملكية للأمم المتحدة يؤكد أن الإسلام عقيدة ونظام
بقلم \ الكاتب و المفكر العربى الدكتورخالد محمود عبد اللطيف
رئيس تحرير جريدة الأمة العربية ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولي
مما لا شك فيه أن الإسلام: هو الاستسلامُ والانقياد والخضوع والإذعان التام لله تعالى[1].
وأصبح الإسلام علَمًا على الدين الذي أنزله الله تعالى للبشرية، من لدُنْ آدم إلى محمد عليهم أفضل السلام والتسليم؛ إذ يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19]، وقال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 131]، وقال عن نوح عليه السلام: ﴿ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 7]، وقال يوسف عليه السلام: ﴿ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101]، وقالت ملكة سبأ: ﴿ وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [النمل: 44]، وقال سَحَرة فرعون لما أسلموا: ﴿ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ﴾ [الأعراف: 126]، وقال الحواريُّون للمسيح عليه السلام: ﴿ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 52]، فدل على أن الإسلام الذي هو دين جميع الأنبياء وأتباعهم منذ أقدم العصور التاريخية إلى عصر النبوة المحمدية، وعقيدة الأنبياء واحدة؛ يقول الحق جل وعلا: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25]، وأما الشريعة فقد جعل الله لكل نبي شريعة تتناسب مع زمانه ومكانه؛ يقول الله تعالى: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾ [المائدة: 48]، فقد يكون الشحم في أمة محرمًا، وفي أمة أخرى حلالاً، إلا أن العبادات موجودة في كل أمة؛ كالصلاة والزكاة؛ قال تعالى عن نبيه إسماعيل عليه السلام: ﴿ وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾ [مريم: 55]، والصوم؛ كقول الله: ﴿ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾ [البقرة: 183]، والحج في زمن إبراهيم، قال عز وجل: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ﴾ [الحج: 27]، وبمبعث محمد عليه الصلاة والسلام، فقد اختصَّه الله بشريعة كاملة صالحة لكل زمان ومكان، وأمر جميع الناس أن يتبعوا تلك الشريعة، ويتركوا ما كانوا يتبعونه من شرائع الرسل السابقين، وحكم على من ابتغى غير الإسلام من الأديان بالخسارة، قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85]، فأصبح الإسلام عقيدة وشريعة.
العقيدة الإسلامية:
هي الأمور التي يجب أن يصدق بها قلبك، وتطمئن إليها نفسك، وتكون يقينًا عندك، لا يمازجه ريب ولا يخالطه شك، جمعها النبي في إجابته على سؤال جبرائيل عليه السلام عندما قال له: ما الإيمان؟ فقال: ((الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره))[2].
والعقيدة: هي الجانب الأعظم الذي أَوْلاه الإسلام عنايته الكبرى أولاً في مكة المكرمة، وهي مرحلة الإعداد والتربية والتكوين مدة ثلاث عشرة سنة.
والشريعة الإسلامية: هي النُّظم التي شرعها الله، ليأخذ الإنسان بها نفسه في عَلاقته بربه، وعَلاقته بأخيه المسلم، وعلاقته بالإنسان، وعلاقته بالكون والحياة.
هو النظام الذي ينبثق عن تلك الأصول الاعتقادية ويقوم عليها، ويجعل لهذه الأصول صورة واقعية متمثلة في حياة البشر الواقعية.
فالنظام والشريعة معالجات لشؤون الحياة؛ أي: كيفية عمل المكلف، في الأمور الدينية في النظام الاجتماعي، والنظام الاقتصادي، ونظام الحكم، ونظام العقوبات، ونظام الأخلاق.
والشريعة والنظام هي الجانب الذي أَوْلَاه الإسلام العناية عندما بدأت الأحكام تتنزل على الأمة في المدينة، بعد أن أصبح لها وجود فعليٌّ، وكيان مستقل، ودولة قائمة.
وبهذا يتضح أن الإسلام عقيدة وشريعة، والعقيدة علمية، والشريعة عملية، والعقيدة أصول الدين، والشريعة فروع الدين.
الترابط بين العقيدة والنظام:
وقد ربط الإسلام بين العقيدة والنظام، بين الإيمان والسلوك، بين الأصول والفروع ربطًا مُحكمًا، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمُتْ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرم ضيفه))[3].
فانظر كيف ربط بين الإيمان بالله – وهي العقيدة – وبين إكرام الجار – وهو شريعة ونظام- ولا يمكن الفصل بينهما؛ يقول جل ذكره مخاطبًا الرسول صلى الله عليه وسلم – وأمته تَبَعٌ له في ذلك -: ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الجاثية: 18].
فالنظام الاجتماعي في الإسلام يبحث في موضوع العَلاقة بين الرجل والمرأة، وقرر فيه أحكامًا شرعية في الخِطبة والزواج والطلاق والخُلع والعدة والرجعة، وحرم فيه الزنا، والخَلوة، وسفر المرأة بدون محرَم، وأن تكون رئيسة للدولة.