الأخبار العاجلة

المدير التنفيذى لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا يؤكد أن المدينة المنورة عمق الماضي وأصالة الحاضر

المدير التنفيذى لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا يؤكد أن المدينة المنورة عمق الماضي وأصالة الحاضر
بقلم \ الكاتب و المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد اللطيف
رئيس تحرير جريدة الأمة العربية ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
مما لا شك فيه أن للمدينة المنورة مكانةٌ عظيمة وجليلة بين كل المدن الإسلامية، ولها قدسيتُها ووَقْعها في كل قلوب المسلمين؛ فهي أرض ودار الهجرة، ومثوى الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام، ولها فضائلُ عظمى، ومن فضائلها: أنها مدينة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، طَيْبة الطَّيِّبة، مهبِط الوحي، ومتنَزَّل جبريل الأمين على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وهي مأرز الإيمانِ، وموطن الذين تبوؤوا الدار والإيمان، منها شع النور، وأشرقت الأرض بنور الهداية، وهي دار هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام؛ ففضائلها كثيرة، منها: أن الله سبحانه وتعالى جعَلها حرمًا آمنًا، كما جعَل مكة حرمًا آمنًا، وقد جاء عن النبيِّ الأمين عليه الصلاة والتسليم أنه قال: ((إنَّ إبراهيمَ حرَّم مكة، وإنِّي حرَّمتُ المدينة)).
وقد ورد في كتاب[1]: “قد جاء عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في بيان حدود حرَم المدينة أنَّ الحرَم ما بين اللابتين، أو ما بين الحَرَّتين، أو ما بين الجبلين”، ومن فضائلها أيضا: أنَّ الإيمان يأرز إليها؛ كما قال الرسول الكريم: ((إنَّ الإيمان ليأرِزُ إلى المدينة، كما تأرزُ الحيةُ إلى جُحرها))[2]، ومن فضائلها ما جاء عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم من الدعاء لها بالبركة، ومن ذلك قولُه صلى الله عليه وسلم: ((اللهم بارِكْ لنا في ثمرِنا، وبارِكْ لنا في مدينتِنا، وبارِكْ لنا في صاعِنا، وبارِكْ لنا في مُدِّنا[3])).
فكانت بكل معالمها ومآثرها ومناظرها حبيبةً إلى النفس، وتهفو إليها الروح، وينشرح عندها الصدر، وينبثق منها الشعاع الرُّوحي الإيماني؛ فلا بد أن نقف عند معالمها الجغرافية حتى تكتمل أبعادها التاريخية والثقافية والإسلامية والجغرافية:
فموقعها الجغرافي: تقع في وسط الجزء الغربي من المملكة العربية السعودية بخط طول (39,36) وخط عرض (24,28)، وترتفع عن سطح البحر (600م) تقريبًا، وتمتد على شكل بيضاوي في ثلاث دوائر، مِحورها المسجد النبوي الشريف.
فمكانة المدينة المنورة الإسلامية والثقافية، والتاريخية، والاجتماعية، لا تخفى على نظر أحَد، فيكفيها فخرًا: أنها هي التي آوت ونصرت واحتضنت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وتزداد تباهيًا بأنْ يضم ثراها خير البرية، وتتألق بين العواصم الإسلامية بأنها الأرض التي وقَع على ترابها المؤاخاة العظيمة بين المهاجرين والأنصار، وفي فرح وحبور تهمس فرحًا بأنها شهِدت أولى غزوات ومعارك نشر الإسلام، وبها اشتدت شوكة الإسلام والمسلمين، وتقف مزدانةً بين كل الحواضر بذلك الصَّرح والشموخ الذي يتمثل في جَبل أُحُد، الذي قال عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أُحُدٌ جبلٌ يحبنا ونحبه))[4].
ومن معالِمها: مقبرة شهداء أُحُد، التي تقع شمال المسجد النبوي، سَمَتْ لأنْ تضمَّ جثمان سبعين من الصحابةِ الذين استُشهدوا في غزوة أُحد، ومنهم حمزة بن عبدالمطلب عمُّ النبي صلى الله عليه وسلم، وسيد الشهداء الذي قال في رثائه الصحابيُّ والشاعر الجليل عبدالله بن رواحة أبياتًا، منها:
بَكَتْ عيني وحُقَّ لها بُكاها
وما يُغْنِي البُكاءُ ولا الَعِويلُ
على أسَدِ الإلهِ غداة قالُوا:
أحمزةُ ذاكُمُ الرجلُ القتيلُ؟
أُصِيبَ المسلمون به جميعًا
هناكَ, وقد أصِيبَ به الرَّسُولُ
أبا يَعْلَى لكَ الأركانُ هُدَّتْ
وأنتَ الماجِدُ البَرُّ الوَصُولُ
عليكَ سلامُ ربِّكَ في جِنَانٍ
مُخَالطُها نعيمٌ لا يزُولُ
ومن معالمها التاريخية المرتبطة بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: البقيع، ويعرف ببقيع الغرقد، واتخذ أهل المدينة البقيع مقبرة لدفن موتاهم منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وبه قبور أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم؛ بناته، وزوجاته، وعمّاته، وبه قبور أكثر من عشرة آلاف من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يخرج في آخرِ الليل إلى البقيع فيقول: ((السلام عليكم دارَ قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون، غدًا مؤجَّلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفِرْ لأهل بقيع الغَرْقد)).
وأيضًا المدينة تزدان بمساجد، ويأتي في مقدمتِها المسجد النبوي الشريف، وهو أحدُ المساجد التي تُشَد إليها الرِّحال، وقد بناه النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الأولى من الهجرة، فيه قال صلى الله عليه وسلم: ((صلاةٌ في مسجدي هذا أفضلُ من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجدَ الحرام))[5]، وهناك العديد من المساجد المشهورة في التاريخ الإسلامي يوجد في المدينة المنورة، منها: مسجد قُبَاءٍ، مسجد القبلتين، مسجد الميقات، مسجد أبي بكر الصِّديق، مسجد عمرَ بن الخطاب، مسجد علي بن أبي طالب.
المدينة المنورة تعِجُّ بالمعالِم الثقافية الدينية التي كانت أحَد العوامل والدلائل التي نالت بها أن تكون عاصمة للثقافة الإسلامية الأولى، وعاصمةً للثقافة 2013، وعاصمة أبدية، وكان من أهم الأهداف الخاصة التي اختيرت لها المدينة المنورة عاصمةً للثقافة الإسلامية تأكيد وإعلاء قدر النبي صلى الله عليه وسلم في العالم ونصرته، وإبراز مكانة المدينة المنورة الثقافية والتاريخية والاجتماعية بصفتها عاصمةً للثقافة الإسلامية، وإبراز إنجازات المملكة العربية السعودية في تطوير وتنمية المدينة المنورة.

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial