الأخبار العاجلة

المدير التنفيذى لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا يتحدث عن صناعة العزة والكرامة

المدير التنفيذى لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا يتحدث عن صناعة العزة والكرامة
بقلم \ الكاتب و المفكر العربى الدكتورخالد محمود عبد اللطيف
رئيس تحرير جريدة الأمة العربية ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
مما لاشك فيه أن الأمم التي تجيد صناعة العِزة والكرامة لهي الأمم المنتصرة، وذلك إذا ما تحلَّتْ بالإيمان الراسخ والعقيدة السليمة، ووعتْ طبيعة المرحلة وحقيقة الصراع المنطلق من العقيدة، والذي يرتكز على العمل المضْنِي، والجهاد المحرِّر للنفوس والأمم من وَطْأَةِ الأهواء والذُّل والتخاذُل الشائن.
والأمم التي تتأبَّى على مشاريع التغريب، والتمييع وتركيع الأمم واستدراجها لتبعية بغيضة – هي الأمم الراسخة رسوخ الجبال، والتي تبدو كالمنارة في سماء العِزة والكرامة.
ومَن يقرأ تاريخ أُمَّتنا الإسلامية بعينٍ متفحصة، يلمس ذلك دون أدنى جُهدٍ وعناء في استنباط هذا الأمر جيِّدًا، وذلك على أساس الركائز التالية:
1- التمسُّك الراسخ بالعقيدة الإسلامية والاعتصام بها، وذلك واضح من خلال كلام النبي – صلى الله عليه وسلم – وتمسكه بهذه العقيدة، وتلك الدعوة الغرَّاء وتبليغها للعالمين، مهما كلَّفه ذلك من مشقَّة وعَنَاء وعَنَت، ولقد كان هذا جَليًّا حينما عَرَضَ عليه مشركو “مكةَ” الْمُلْك، أو المال، أو الطب إن كان به مَسٌّ من جِنّ على أن يترك تبليغ هذه الدعوة، فكان ردُّ النبي – صلى الله عليه وسلم – عليهم أبلغَ ردٍّ لكلِّ متشككٍ متردِّدٍ، ولكلِّ متقاعسٍ قعيدٍ يأبى العمل لدين الله – عز وجل – والأخذ بأسباب النُّصرة للإسلام والمسلمين، قالها – صلى الله عليه وسلم – مُدوِّيَة غُرَّة على جَبين التاريخ: ((والله يا عم، لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر، لن أتركه حتى يظهره الله، أو أهلك دونه)).
وموقف سعد بن معاذ – رضي الله عنه – مع “غطفان” يَقْطُر عِزة وكرامة من صحابي جليل ملأ الإيمان قلبه، وملأت قضية الإسلام والمسلمين عليه قلبه وروحه وجوارحه، أرادت “غطفان” مصالحة المسلمين على ثُلث ثمار “المدينة” على أن يرجعوا عن المدينة في “غزوة الأحزاب”، قال: يا رسول الله، لقد كُنَّا على الشرك، وكانت “غطفان” لا تطمع في تمرةٍ من “المدينة”، أبعد أن أعزَّنا الله بالإسلام، وأكرمنا بك نعطيهم ثمارنا؟! والله ليس عندنا لهم إلا السيف.
وقول عمر بن الخطاب: نحن قوم أعزَّنا الله بالإسلام، فإن نحن ابتغينا العِزة في غيره، أذلنا الله.
ويُروى في العصر الحديث أنْ تَعرَّض أحدُ الشُّبَّان المسلمين العاملين في حقل السياسة لرئيسة وزراء العدو الصِّهْيَوني “جولدا مائير”، في ستينيات القرن العشرين وقال لها: سوف ننتصر عليكم، فقالت: ستنتصرون نعم يوم أن تكونوا أنتم أنتم، ونحن نحن، وما أشبه الليلةَ بالبارحة! وصدق الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -: ((توشك أن تداعى عليكم الأمم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أَمِن قِلَّة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل أنتم كثير، ولكنكم كغثاء السيل، ولينزعنَّ الله من قلوب أعدائكم المهابة منكم، وليقذفنَّ في قلوبكم الوَهَن، قالوا: ما الوهن؟ قال: حُب الدنيا وكراهية الموت)).
فالانغماس في تَرَف الدنيا، وضَعف الإيمان، وترك الجهاد، والمسارعة في العدو خشية الضرر المتوقع – من العوامل الباعثة على الذِّلة والمهانة ونزع المهابة من قلوب أعدائنا مِنَّا.
وفي فترات الدولة الإسلامية نجد أن عِزة وكرامة المسلمين واضحة جَليَّة، حال تمسُّك المسلمين بعقيدتهم وشريعتهم الغَرَّاء، والتمسُّك بثوابت هذا الدين الحنيف، وذلك لا يخفى على كلِّ ذي لبٍّ، أو ألقى السمع وهو شهيد.
2- وحْدة الصف الداخلي للأمة: فوحدة الصف هي بمثابة الرِّباط والأساس الداخلي الذي تنبني عليه قوة الأمة، وأول هذه القوة قوة الإيمان والعقيدة، ثم قوة الوحدة والارتباط، ثم القوة المادية بشتَّى صُوَرِها.
وإذا كنت تبني أُمَّةً بأسرها تتمتع بكل السيادة والأستاذية والعِزة، فيجب أن يتناسب الأساس مع حجم وارتفاع البناء، ولقد كان ذلك واضحًا في تربية النبي – صلى الله عليه وسلم – للمؤمنين ثلاث عشرة سنة فقط على الإيمان والعقيدة، ثم كانت الأمة العظيمة أستاذة الدنيا كلها لقرون طوال.
ثم كان غرس وحدة الصف الداخلي للأمة في “المدينة”، وذلك من خلال المفردات التالية:
أ- الإخاء بين أبناء الأمة الإسلامية: وتمَّ ذلك بين المهاجرين والأنصار، وإنه ليتراءى لي الموقف الرائع في الإيثار لسعد بن الربيع، ورد الفعل القِمَّة في التعفُّف لعبدالرحمن بن عوف – رضي الله عنهما.

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial