المدير التنفيذى لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا يتحدث عن الأخطاء في العمل القيادي
بقلم \ الكاتب و المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد اللطيف
رئيس تحرير جريدة الأمة العربية ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
مما لا شك فيه أن القائد يحتاج دائماً إلى تقويم للعملية القيادية التي يمارسها بحيث يستقيم الأداء المنوط به ويخرج النتاج كما يأمل ويرتجي، وفي العمل الإسلامي يحتاج القائد دائما إلى النصح والإرشاد والتزويد بوجهات النظر المتجددة، وقد أشار القرآن إلى ذلك إشارة بينة بقوله تعالى ” فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ” آل عمران، فالقرآن يُعَلم أن هنا جانب هام لا ينبغي أن يغفل القائد عنه وهو كسب ثقة العاملين معك ومشاورتهم وتقبل نصحهم ثم أخذ القرار بناء على ذلك وعدم التردد فيه.
كما وضع النبي – صلى الله عليه وسلم – قواعد متكاثرة فيما يخص واجبات القائد ودوره وسنحاول – إن شاء الله – البسط فيها فيما يلينا من مقالات، واليوم سنحاول معا التركيز على بعض الممارسات العملية التي قد ينتج عنها أخطاء في العمل القيادي وممارسة القائد، مما يلقي بظلاله على العمل نجاحا أو فشلا، كما يلي:
يحتاج القائد دائما إلى تقويم للعملية القيادية التي يمارسها بحيث يستقيم الأداء المنوط به ويخرج النتاج كما يأمل ويرتجي
أولاً: إدارة العمل الإسلامي بتفرد الرأي إدارة ناقصة، والقائد الناجح هو الذي يحسن مشاركة العاملين معه كل بحسب خبرته وقدرته على العطاء، فالقائد مهما بلغ من خبرة وحنكة إدارية لابد وأن تقصر همته ويقصر نظره عن أمور قد تكون هامة ومؤثرة في ذلك العمل الذي يقوم به، ومن ثم احتجنا إلى الأخذ بمشاركة الآخرين في بيان الرأي والنصح، بل نحن في حاجة للإطلاع على الرأي المخالف أيضا، وصدقت الحكمة القائلة: قد يوجد في الأنهار مالا يوجد في البحار، وإذا عرض عليك اقتراح جديد لا تنظر إلى من قدمه ولكن انظر دائماً إلى جدوى الاقتراح، وفكر
دائما في ‘كيف’ تنفذ الاقتراح الجديد الجيد، وليس في ‘لماذا’ لا تنفذه. فربما يصلك اقتراح جيد من عامل صغير بسيط فلا تتكبر.
فقد وقف رسولنا – صلى الله عليه وسلم – يوم بدر على عين ماء وعسكر بجيشه، فجاءه جندي بسيط اسمه الحباب بن المنذر، فقال له: يا رسول الله، أهذا منزل أنزلكه الله، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: »بل هو الرأي والحرب والمكيدة«، قال الحباب: ليس هذا بمنزل، الرأي عندي أن ننزل بأدنى ماء من بدر، ونغور ما وراءها من الماء. فقال – صلى الله عليه وسلم -: “أشرت بالرأي”، وتحول إلى الموضع الذي ذكره الحباب.
ثانيا: من أسوأ عيوب القيادات اعتمادهم كرسيا في منبر عاجي يتمركزون فيه، وهم في ذلك يستمتعون كل المتعة في دوران العاملين عليهم وتسيير شئون العمل بعد توقيعهم أو استئذانهم وإذا رفعت إليهم شكوى أو ملاحظة مخالفة لقناعاتهم اتهموا قائلها بالبعد عن الحقيقة، بل وأحيانا يُتهم القائل بأنه مغرض، وأحيانا يسفه رأيه ويضع على الناصح له دوائر حمراء، ولا يدرون أن العيب في القيادة هو وليس في الناصح له، ولا يكتشف القائد تلك المشكلة إلا بعد وقوع كارثة تضر بالعمل كله، ولذا وجب على كل مدير أن ينتبه إلى ذلك الخلل في إدارته قبل وقوع الكارثة، إن كثيراً من القادة والإداريين يكتفي باستقرار العاملين معه أو يكتفي بسؤالهم سؤالا عابرا عن أحوال العمل أو في بعض الأحيان قد يقنع بتصفح التقريرات المكتوبة له من المسئولين الفرعيين.. كل ذلك وهو بعيد عن موقع التفاعل ومكان الإنجاز وهذا من أكبر الأخطاء التي يمكن أن تصيب العمل فالقائد المنفصل عن ميدانية العمل هو قائد وهمي يقود خيالاً يتصوره في عقله فقط، ولا علاقة له بالواقع الموجود على الأرض، ويتجلى ذلك ويظهر عند حدوث المشكلات في الميدان، فإن هذا الأسلوب ينذر بتفاقم المشكلات والتهديد بإفشال الإنجازات.
وهذا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – انظر كيف كان يتعامل مع أصحابه في حل المشاكل: كان دائمًا في موقع كل الأحداث يعيش مع أصحابه كل مشكلاتهم..
