الغربية – بقلم الدكتور ناصر الرحال – 5 – أبريل – 2020
وباء (كورونا) الذي يملأ مشارق الأرض ومغاربها والذي غيّر وسيغيّر كثيراً من مواضعات ومعطيات الواقع والتفكير ويفتح مجالات جديدة في المستقبل، هو واحدٌ من أخطر الأوبئة والجوائح التي مرت بالبشرية، ونحن نشاهد منذ اليوم التغييرات الكبرى التي طرأت على سياسات الدول وطبيعة علاقاتها بعضها ببعض، غير أن الفرق واضح بين الدول الحريصة على الاستقرار وتلك التي تفتش عن الفوضى في المنطقة والعالم.
الدول الداعمة للاستقرار حول العالم مشغولة بمواطنيها والمقيمين على أراضيها لرعايتهم وحمايتهم من هذا الفيروس وتجاوز الأزمة التي أوجدها هذا الوباء باتجاه استعادة الحياة الطبيعية للبشر والعالم، وهو شأن أغلب دول العالم، ولكنّ الدول التي بنت مشاريعها الكبرى على خلق الفوضى أو على الأقل الاستفادة منها بأقصى حدٍ عندما تحدث تفعل العكس.
الفوضى لها تجليات متعددة وتعريفات مختلفة، ولكن الحروب والتفتيش عنها والحرص عليها هي إحدى أقوى الطرق لخلق الفوضى أو لإطالة زمنها أو الاستفادة منها بأي طريقةٍ وأي سبيل، ويكفي في أزمة وباء كورونا التفتيش عن الدول الباحثة عن الحروب، وسيجد الباحث أن ثمة دولاً قليلةً اتجهت لتعزيز الحروب القائمة أو افتعال حروب جديدةٍ، أو مجرد البحث عن ذلك، ومن ذلك إطلاق كوريا الشمالية صواريخ جديدة أثناء اشتداد الأزمة، منذ عقدٍ من الزمان، انطلق مشروع (استقرار الفوضى) في العالم العربي بدعمٍ قوي وكاملٍ من الدول الأصولية الثلاث في المنطقة؛ إيران وتركيا وقطر، طبعاً بالتحالف مع جماعات الإسلام السياسي، فيما كان يعرف حينها بالربيع العربي، وهو قد تجلى حقيقةً وواقعاً هنا لابد القول تختلف أولويات العالم في هذه اللحظة المهمة من التاريخ، وأوضح مثالٍ هو فشل الدول الثلاث في مواجهة كورونا، تمثل النموذج الأكثر بشاعةً في العالم في تفشي الوباء، وتركيا استمرت في إنكار الوباء ورفض الاعتراف بانتشاره حتى تفشى وانتشر، فاضطرت إلى الإعلان عنه لا اتباعاً لمبدأ الشفافية بل خضوعاً للأمر الواقع وأنه لم يعد ثمة مجالٌ للإنكار، وبدأت تركيا تغلق مدناً بكاملها وصلت إلى ما يقارب الثلاثين مدينةً حتى الآن، والمعلومات القادمة من قطر تشي بوضوحٍ أن غالبية العمّال المقيمين فيها لم يحظوا بالعناية اللازمة من فيروس كورونا ما سمح بتفشي المرض، لأن هذا الفيروس لا يفرّق بين مواطنٍ ومقيم ولا بين كبيرٍ أو صغيرٍ.