الأخبار العاجلة

سعادة السفير لجمهورين الصين الشعبية لدى العراق السيد تسوي وي

الغربية – خاص – احمد الدليمي – 14 / ديسمبر / 2022

سعادة السفير لجمهورين الصين الشعبية لدى العراق السيد تسوي وي
في الفترة ما بين 7 إلى 10 ديسمبر عام 2022، سافر الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى الرياض لحضور القمة الصينية العربية الأولى والقمة الأولى للصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية والقيام بزيارة الدولة للمملكة العربية السعودية. إن هذه الزيارة أكبر حدث دبلوماسي والأعلى في المستوى للصين مع العالم العربي منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، تمثل خيارا استراتيجيا اتخذه الجانبان الصيني والعربي لتعزيز التضامن والتنسيق في مواجهة التحديات العالمية.
هذا تمديد للصداقة الممتدة لآلاف السنين.
العالم العربي به حضارة عريقة، غني بالموارد والتراث، وهو من أوائل مجموعات الدول التي حققت الصحوة الوطنية والوحدة لتقوية نفسه، وظلت جامعة الدول العربية تحتل مكانة مهمة في الخريطة السياسية والاقتصادية والحضارية للعالم. منذ فترة طويلة، كانت الحضارتان العظيمتان الصينية والعربية التي تقعان في طرفي قارة آسيا، تتعارفان وتتواصلان عبر طريق الحرير القديم، وتتساندان في السراء والضراء في النضال من أجل التحرر الوطني، وتتعاونان في تيار العولمة الاقتصادية، وتدافعان عن الأخلاق والعدالة في ظل تقلبات الوضع الدولي. في السنوات الأخيرة، يتجاوب الاتجاه العام لانفتاح الصين على الغرب مع التيار الجديد لتنمية الدول العربية شرقا. إن المعاناة التاريخية المماثلة وحلم التنمية نفسها والثقة والدعم المتبادل قد جمعت الصين والدول العربية بشكل أكثر ثباتا.
ألقى الرئيس شي جينبينغ كلمة هامة في القمة الصينية العربية الأولى، حيث استعرض التاريخ العريق للتبادلات الودية بين الجانبين، وخلص روح للصداقة الصينية العربية التي امتدت إلى آلاف السنين وأصبحت أكثر ثباتا مع مرور الوقت، وأشار إلى أن التضامن والتآزر ميزة بارزة للصداقة الصينية العربية، والمساواة والمنفعة المتبادلة قوة دافعة لا تنضب لها، والشمول والاستفادة المتبادلة قيم لها. كما قال الرئيس شي جينبينغ في كلمته أن الجانب الصيني حريص على العمل مع الجانب العربي على تنفيذ “الأعمال الثمانية المشتركة” التي تغطي المجالات الثمانية التالية، تدعيم التنمية، الأمن الغذائي، الصحة، التنمية الخضراء والابتكار، أمن الطاقة، الحوار بين الحضارات، تأهيل الشباب، الأمن والاستقرار.
تم إصدار 3 وثائق نتائج خلال القمة. أولا، “إعلان الرياض للقمة الصينية العربية الأولى” الذي اتفق الجانبان فيه على العمل بكل الجهود على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد. ثانيا، “الخطوط العريضة لخطة التعاون الشامل بين جمهورية الصين الشعبية والدول العربية” التي وضعت خطة للتعاون بين الجانبين في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والمالية وغيرها من 18 مجالا. ثالثا، “تعميق الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية من أجل السلام والتنمية” التي تتعلق بأن الجانبين اتفقا على تعميق علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية والعربية والدعوة إلى تعددية الأطراف وتعزيز التعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق وتعزيز بناء منتدى التعاون الصيني العربي. كما وقعت وتوصلت الجهات الصينية المعنية مع الجانب العربي والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، إلى عدة وثائق تعاون في مجالات التعاون في بناء “الحزام والطريق” والطاقة والغذاء والاستثمار والتنمية الخضراء والأمن والفضاء وغيرها.
تهم قضية فلسطين السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وتتعلق بالعدالة والإنصاف الدولي، وهي أكثر قضية ساخنة اهتماما لدى العالمين والعربي والإسلامي. يولي الرئيس شي جينبينغ اهتماما بالغا إلى قضية فلسطين، لقد بعث برقية التهنئة إلى مؤتمر إحياء “اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني” لمدة عشر سنوات متتالية. خلال حضوره للقمة الصينية العربية ، أكد الرئيس شي جينبينغ مجددًا أن الصين تدعم بكل ثبات إقامة دولة فلسطين المستقلة، وتدعم نيل فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وستواصل تقديم المساعدات الإنسانية إلى الجانب الفلسطيني. وستقف الصين على الدوام إلى جانب الشعب الفلسطيني، وتستمر في بذل الجهود الدؤوبة لدفع الحل العادل والدائم لقضية فلسطين في يوم مبكر.
هذا تقاطع لأحلام النهضة.
خلال وجود الرئيس شي جينبينغ في الرياض، عقد اجتماعات ثنائية مع ما يقرب من 20 من القادة العرب، حيث أعرب الرئيس شي جينبينغ عن دعمه لجميع البلدان في اتباع الطرق التنموية التي تتماشى مع ظروفها الوطنية والتحكم في مستقبلها ومصيرها في ايديها، والحفاظ على سيادتها وأمنها ومصالحها التنموية، ورفض تدخل القوى الخارجية في شؤونها الداخلية. تعبر هذه التصريحات عن التطلعات المشتركة للصين والدول العربية. كانت الدول العربية تعاني من التدخلات الخارجية، فأصبحت أكثر حرصًا واعتزازا بتحقيق الاستقلال، وأصبح ذلك أقوى توافق يجمع الدول النامية الغفيرة.
يستجيب الرئيس شي جينبينغ لاهتمام وتطلعات جميع الأطراف، إذ أكد أن الجانب الصيني سيلتزم بكل ثبات باستراتيجية الانفتاح القائمة على المنفعة المتبادلة والكسب المشترك، بما يوفر فرصا جديدة لكافة الدول بما فيها الدول العربية من خلال التنمية الجديدة في الصين. قال العديد من القادة العرب إن موقف الصين في المحافل الدولية عادل ومنصف، والإجراءات التي اتخذتها تصب في مصلحة السلام والأمن العالميين والتنمية المشتركة لجميع الدول، فينبغي للدول العربية دعمها بنشاط والمشاركة فيها. إن التعاون بين الصين والدول العربية لا يهدف إلى ملء ما يسمى ب”فراغ النفوذ”، بل انه سير جنباً إلى جنب على أساس المصالح المشتركة. وقعت الصين على وثائق تعاون بشأن بناء “الحزام والطريق” مع جميع الدول العربية تقريبًا إلى جانب جامعة الدول العربية.
هذه نقطة انطلاق جديدة للتعاون بين الصين والعراق.
في صباح يوم 9 ديسمبر، التقى الرئيس شي جينبينغ بدولة رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، حيث أشار الرئيس شي جينبينغ إلى أن العراق كان من أوائل الدول العربية التي أقامت العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية. وشهدت العلاقات الصينية العراقية تطورا سلميا وحقق التعاون بين البلدين في كافة المجالات تقدما متزنا منذ إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية بينهما عام 2015. سيواصل الجانب الصيني تقديم الدعم الثابت للجانب العراقي في الحفاظ على سيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، ويدعم تعزيز التضامن والتعاون فيما بين الأطراف العراقية. إن الجانب الصيني على استعداد لتضافر الجهود مع الجانب العراقي لمواصلة تعميق علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الصين والعراق.
إن الجانب الصيني سيواصل دعم الجانب العراقي في إعادة الإعمار الاقتصادي، ومساعدته على إعادة القطاع الصناعي وتحسين معيشة الشعب وتحقيق التنمية المستدامة. كما يقدر الجانب الصيني ما قام به الجانب العراقي من الدعم والمساهمة في تعزيز التعاون الجماعي بين الصين والدول العربية، مستعدا للعمل مع الجانب العراقي على تنفيذ كافة النتائج المتوقعة للقمة الصينية العربية الأولى بشكل جيد، والارتقاء بعلاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية إلى مستوى أعلى.
استجاب رئيس الوزراء محمد السوداني لما قال الرئيس شي جينبينغ بشكل إيجابي، وأعرب عن رغبة الجانب العراقي في تعزيز العلاقات بين البلدين.
أوشك هذا العام على الانقضاء. ويعد العام القادم بداية لتنفيذ الجانبين لنتائج الاجتماع الثنائي بين قيادتي البلدين، كما أن العام القادم يصادف الذكرى الخامسة والستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. فلدينا الكثير من الأعمال التي يتعين علينا القيام بها، ونثق بأننا سنحقق إنجازات جديدة.
يحتل عدد سكان الصين والدول العربية حوالي ربع إجمالي سكان العالم، فيكتسي تعزيز التضامن والتعاون بين الجانبين أهمية كبيرة للمعادلة السياسية والاقتصادية والحضارية الدولية. إن القمة الأولى التي انعقدت بين الصين والدول العربية بصفتهما من الأعضاء المهمة للدول النامية والقوى المهمة على الساحة الدولية والحضارتين الرئيسيتين، لها أهمية كبيرة على المستوى الدولي وتأثير تاريخ عميق وبعيد المدى يتجاوز النطاق الثنائي والإقليمي، وتثبت بشكل مستفيض أنه يمكن تحقيق الشمول والاستفادة المتبادلة والتنمية والازدهار المشترك فيما بين الدول الواقعة في المناطق المختلفة وذات الحضارات والنظم الاجتماعية المختلفة. من المؤكد أن قيام الصين والدول العربية بالعمل سويا على بناء مجتمع المستقبل المشترك، سيضخ قوة إيجابية هائلة لصالح البشرية في صيانة السلام وتعزيز التنمية والتمسك بالعدالة والسعي للتقدم.

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial