المدير التنفيذى لجامعة بيرشام الدولية باسبانيا يؤكد أن المؤمن عزيزٌ بالإسلام
بقلم \ الكاتب و المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد اللطيف
رئيس تحرير جريدة الأمة العربية ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
مما لا شك فيه أن المؤمن عزيزٌ بإسلامه، قويٌّ بإيمانه، يستمدُّ قوَّته من إيمانه بربّه وأنّه ربُّ كل شيء ومليكه، يستمدّ ذلك من إخلاصه لله العبادة، يستمدّ ذلك من إيمانه بملائكة ربّه، وإيمانه بكتبه، وأعظمُها القرآن الذي يعمل به ويسير على نهجه، بإيمانه برسل الله، وعلى رأسهم سيّدُهم وأفضلهم محمدُ بن عبد الله، فإيمانُه به يقتضي محبتَه وطاعته والانقياد لشريعته. يؤمن باليوم الآخر، وبما أخبر الله به عما سيكون في ذلك اليوم، فهو يؤمن بالجنة والنار، ويؤمن بكلّ ما سيكون في ذلك اليوم من الجزاء والحساب. إنه مؤمنٌ بقضاء الله وقدره، وأنَّ ما شاء الله كان، وما لم يشأن لم يكن، إيماناً جازماً لا شكَّ فيه.
هكذا المؤمن في هذه الدنيا يستمدُّ القوةَ والعزَّة من هذا الإيمان الذي شرَّفه الله به، وتفضَّل به عليه، واختاره فجعله من المؤمنين، وهو يتذكّر دائماً قولَ الله: (وَلَاكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِى قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الراشِدُونَ فَضْلاً مّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [الحجرات: 7، 8] إذًا فهو يتصوَّر هذه النعمة نعمةَ الإيمان، هذا الفضل العظيم هدايةَ الله له بأن جعله من المؤمنين، بأن شرح صدره لقبول الحق، ( أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلَـامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مّن رَّبّهِ ) [الزمر: 22]. كلما تذكّر هذه النعمة ازداد بها فرحاً وسروراً، ثم خاف على هذه النعمة أن تُسلب منه، وأن يحال بينه وبينها، فهو دائماً يقول: اللهم مقلبَ القلوب ثبِّت قلبي على دينك، دائماً يقول ويردِّد قولَ الله عن دعاء المؤمنين: (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران: 8]. أجل، يخاف على هذه النعمة أن تُسلب منه، والله قادر على كل ما أراد -جل وعلا- (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْء وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [الأنفال: 24]، فهو القادر [على] أن يحُول بين العبد وبين قلبه حتى لا يعرف الحق من الباطل، ولا يُميِّز الحسن من القبيح. فالمؤمن يخاف على هذه النعمة، ويخشى عليها ويلجأ إلى الله في كل آن وحين أن يثبِّته الله على القول الثابت، (يُثَبّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَفِى الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاء) [إبراهيم: 27].
أيها المؤمن، فالمؤمن عزيزٌ بهذا الإسلام، فخورٌ به دائماً وأبدا، يُظهر شعائره، ويطبِّق أوامره، ويبتعد عن نواهيه، ويقف عند حدوده، ويتخلَّق بأخلاق دينه ظاهراً وباطناً، لا يخشى أحداً، لا يهمّه لمزُ اللامزين، ولا عيبُ العائبين، ولا سخريةُ الساخرين، فإن سخروا منه قال كما قال نوح: إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ [هود: 38]. أجل، إنه يعلن دينَه، يعلن شعائرَ إسلامه، يحافظ على ذلك تحت أيِّ سماء تظلّه في أيّ مكان، لا يخشى إلا الله، يرى نفسَه عزيزاً قويًّا بهذا الدين الذي شرَّفه الله به، وأعزَّه به، ورفع شأنَه به، فإن الرفعة عند الله إنما هي بالهداية إلى الطريق المستقيم، فمن هداه الله بهذا الدين فقد أكرمه وشرَّفه وفضَّله، ومن حيل بينه وبين هذا الدين فقد أذلَّه الله وأهانه (وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء) [الحج: 18].
إن هذا الدينَ عِزٌ لك أيها المسلم، عزّ لك أيتها المسلمة، شرفُ لك في الدنيا والآخرة. إذاً، فلا تضُعفُ شخصية المسلم أمام الأعداء، لا تضعف شخصيتُه أمام أعدائه، ويخجل أن يقول: هو مسلم، ويخجل أن يصلي، ويخجل أن يلتزم بآداب الإسلام. لا، بل المسلم يظهر التزامَه بالإسلام، وعمله بالإسلام، وتمسّكه بالإسلام، يرضى من يرضى، ويأبى من يأبى، لا يهمُّه ذلك، لماذا؟ لأنَّه على طريقٍ مستقيم، وعلى منهج قويم، على صراط الله المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.
ـأعداؤك قد يلمِزونك إذا رأوا تمسّكَك بالدين، إذا رأوا محافظتَك على أخلاق إيمانك قد يُسمعونَك ما تكره، وقد يعيبون عليك ويضحكون، وقد يقولون ويقولون، ولكن المؤمن لا يهمُّه شيء من ذلك، بل هو يرفع هذا الدين، ويعلي شأنه، ويظهر أعماله، ويظهر أخلاقه، ويعامل الناس على وِفق ما فهمه من دينه، هكذا المسلم حقاً.